26‏/05‏/2013

إرهاب الغرب وإعلامه الصهيوني وتغطيته القذرة لمجزرة الحولة واتهامه النظام السوري بارتكاب المجزرة بالقصف الصاروخي والمدفعي وبالطيران بينما معظم الضحايا قتلوا ذبحا بالسكاكين والسواطير وبالرصاص من مسافات قريبة داخل بيوتهم التي لم تتأثر بالقصف!!!!


على الرغم من وقف إطلاق النار الحالي الذي رعته الأمم المتحدة فقد استمر الغرب بإدانة الحكومة السورية على انتهاكاتها، كما واصلت التقارير الصادرة عن مراكز البحوث كمعهد بروكينغز دعوتها "لاستخدام وقف إطلاق النار لإعادة تنظيم وإعادة تسليح الوكلاء الإرهابيين. كنتيجة لهذه السياسة، فالجولة التالية من العنف المدمر في سوريا قد هزت وأقلقت العالم. في 25 أيار 2012، قتل بمنتهى الوحشية 108أشخاص، بما في ذلك 34 امرأة و 49 طفلاً في قريتين تسيطر عليهما المعارضة في منطقة الحولة، شمال غرب حمص. ظهرت على الضحايا آثار التعرض للقتل من مسافة قريبة، في حين أن العديد منهم قد ذبحوا وظهرت عليهم العلامات بأن التنفيذ قد تم من مسافة قريبة جداً. في حين أن الحكومة السورية ذكرت أن جماعات القاعدة الإرهابية كانت المسؤولة عن عمليات القتل في محاولة لتخريب خطة السلام، فإن محققي الأمم المتحدة اقترحوا بأن الميليشيات العلوية المستأجرة من الحكومة والمعروفة باسم "الشبيحة" كانت المسؤولة عن القتل.
وكانت التقارير الأولية الصادرة عن المؤسسات الإعلامية الغربية ادعت أن قصف الحكومة السورية كان مسؤولا عن 90 حالة وفاة "مؤكدة" من قبل مراقبي الأمم المتحدة الذين وصلوا في وقت لاحق إلى الموقع. بالرغم من، التعارض مع التقارير من مختلف أنحاء وسائل إعلام الدول الخليجية التي ادعت أن الوفيات، ولا سيما الأطفال منهم، كانت بفعل "السكاكين" والأسلحة الأخرى قصيرة المدى. أظهرت الصور التي بثت على حد سواءٍ عن طريق المعارضة وشبكة سانا الإخبارية الرسمية السورية أسرا مقتولة مرمية داخل مبانٍ سليمة، نتيجة لمزيج من القتل الوحشي بالأسلحة النارية الصغيرة قصيرة المدى من مسافة قريبة والأسلحة البيضاء بحسب ادعاءات الشبكات الإعلامية لدول الخليج.[1] أخبار سانا قالت أن الجماعات الإرهابية قد ارتكبت الفظائع، طوال فترة الاضطرابات. ومع ذلك، فقد قدم الغرب وحلفاؤه روايات متضاربة ومتغيرة (متذبذبة) على الدوام، بهدف التعتيم على نحو متزايد ومنحرف على الفظائع التي ارتكبتها قوات وكلائهم المتمردين. علّق ضابط المخابرات البريطاني السابق اليستر كروك على طبيعة الهجمات، وكيف أنها لم تكن تحمل سمات المنطقة الثقافية التي تنتمي إليها سوريا، مشيراً إلى أن للمجزرة جذورها الأيديولوجية والتكتيكية المرتبطة بحرب العراق:
هذا النوع من القتل، وقطع الرؤوس، وحز الحناجر (للأطفال أيضا)، وهذا التشويه للجثث، هذه السمة لا علاقة لها بالإسلام المشرقي، وليست سمة سورية، ولا لبنانية، ولكنها بالضبط ما حدث في محافظة الأنبار العراقية. وهذا على ما يبدو يشير إلى حد كبير باتجاه المجموعات التي ارتبطت بالحرب في العراق ضد الولايات المتحدة والتي ربما قد عادت إلى سوريا، أو ربما العراقيين الذين قد جاؤوا من الأنبار للمشاركة في القتال. أعتقد أن الهجوم أقرب ما يمكن إلى مصعب الزرقاوي (الذي أعلن حرباً شاملة على الشيعة في العراق)، منه إلى تنظيم القاعدة كما نعرفه، حيث أننا ندرك أن الزرقاوي والعراق أنتجا هذه، الفئة المتطرفة جدا والشديدة التعصب والمناوئة للشيعة، والخطاب الإيراني. جاء ذلك بالكثير من المقاتلين إلى سوريا بعدما عادوا من الأنبار إلى منازلهم في جميع أنحاء حمص وحماة. لذلك نعم، نحن نتحدث عن جماعات مماثلة لتنظيم القاعدة والتي هي في واقع الأمر طرف من الطيف المعارض. قد تكون هذه الجماعات أقلية تجاه أعداد المعارضة عموما، ولكنها هي التي تقوم بالحرب.[2]
حتى قبل وصول مراقبي الأمم المتحدة إلى الحولة، كانت الولايات المتحدة وبريطانيا، وفرنسا بالفعل قد طالبت "المجتمع الدولي" بالتحرك ضد الحكومة السورية. ذكرت المصادر الإعلامية الغربية الرئيسية أن، المساعدة المادية والأسلحة المتطورة كانت تتدفق بحرية منذ شهور على المتطرفين المتشددين إلى منطقة الحولة، القريبة من الحدود اللبنانية. حثّ وزير الخارجية الفرنسي لوران فابيوس على تقديم المزيد من الدعم للمعارضة السورية، التي صارت الآن مفضوحة بتوظيفها طويل الأجل للتكتيكات الإرهابية، بما في ذلك التفجيرات العشوائية و، وفقاً لكل من الأمم المتحدة و هيومن رايتس ووتش على حد سواء بالاختطاف والتعذيب، وقتل المدنيين.[3] فورا بعد وصول مراقبي الأمم المتحدة إلى الحولة، في سوريا، أعلن ما يسمى "الجيش السوري الحر" رسمياً أنه سيتخلى عن خطة الأمم المتحدة للسلام، كما تنبأت بذلك المؤسسات الفكرية الغربية مثل معهد بروكينغز، الذي دعا إلى إنهاء وقف إطلاق النار الذي ترعاه الأمم المتحدة "وإعادة إطلاق العنف للإطاحة بالحكومة السورية. صرح المسؤول بوزارة الخارجية البريطانية اليستر بيرت:
لقد أصبنا بالرعب حول ما يبدو أنه تقارير موثوق بها تفيد بأن النظام السوري كان مسؤولا عن وفاة 92 من المدنيين في الحولة، بما في ذلك 32 طفلاً. لقد كان رئيس بعثة الأمم المتحدة قادراً على تأكيد الأرقام وأيضا على أن قذائف الدبابات والمدفعية قد استخدمت. إذا كان هذا هو الحال فهو بذلك عمل من الأعمال الوحشية الخالصة والمفضوحة، ونحن ندينه بأشد وأقوى العبارات الممكنة.[4]
أدت الأحداث في الحولة إلى قيام الدول الغربية بطرد دبلوماسيين سوريين وفي الأول من حزيران، صوّت مجلس حقوق الإنسان في الأمم المتحدة على إدانة سوريا، داعياً إلى تحقيق جنائي دولي في الأحداث. لقد اعتمدت وسائل الإعلام الغربية إلى حد كبير على روايات المعارضة غير المؤكدة حول ادعاء قيام الشبيحة وهم الميليشيات العلوية الموالية للحكومة بارتكاب المجازر في سورية نتيجة لقيام حكومة الأسد "بغسيل أدمغة هذه الميليشيات لدفعهم للاعتقاد بأن الأغلبية السنية هي عدوهم،" كما ذكرت مقالة التيليغراف في أوائل حزيران.[5] خلال كلمة في البرلمان السوري، دعا الأسد الهجمات في الحولة "بالشنيع"، قائلاً:
الأزمة ليست أزمة داخلية. بل هي حرب خارجية بأدوات داخلية، وإذا تشابكت أيدينا اليوم فأنا أؤكد أن انتهاء هذا الوضع قريب. إن ما حصل في الحولة ... وصفناه بالمجازر البشعة والشنيعة والوحشية - وفي الحقيقة حتى الوحوش لا تقوم بما رأيناه. إننا لا نواجه مشكلة سياسية لأننا لو كنا نواجه مشكلة سياسية فلابد من وجود طرف يطرح برنامجاً سياسياً. إن ما نواجهه هو مشروع فتنة طائفية وأداة هذه الفتنة هي الإرهاب، إن القضية قضية إرهاب. نحن نواجه الآن حربا حقيقية من الخارج، وسنستمر بالحزم في مواجه الإرهاب بالتوازي مع فتح الباب لكل من يريد العودة عنه. وأنا الآن أشجع هؤلاء الأشخاص الذين كانوا مترددين أن يقوموا بهذه الخطوة. وأؤكد مرة أخرى على أن الدولة لا تنتقم.[6]
نشر راينر هيرمان، وهو مراسل الصحيفة الألمانية فرانكفورتر ألجماينه تسايتونج (Frankfurter Allgemeine Zeitung) في الشرق الأوسط رواية بديلة للأحداث في الحولة، تزعم أن المقاتلين المتطرفين السنيين المعادين للأسد ارتكبوا المجزرة، باستهداف الموالين للحكومة من الأقليات العلوية والشيعية قائلاً:
بعد صلاة الجمعة يوم 25 أيار قام أكثر من 700 مسلح منظمين في ثلاث مجموعات تحت قيادة عبد الرزاق طلاس ويحيى يوسف، قادمين من الرستن، كفرلاها وعقربا، بمهاجمة نقاط تفتيش الجيش الثلاثة بالقرب من تلدو. خاض المتمردون المتفوقون في العدد مع الجنود (معظمهم من السنة أيضا) معركةً داميةً قُتِل فيها أربعة وعشرين جنديا، معظمهم من المجندين (خدمة العلم). أثناء وبعد القتال، قام المتمردون بدعم من سكان تلدو بإبادة عائلات بأكملها من عائلات السيد وعبد الرزاق. كانت قد رفضت الانضمام إلى المعارضة. والقتلى تقريبا على وجه الحصر من عائلات تنتمي للأقليات العلوية والشيعية في الحولة. أكثر من 90٪ من سكان الحولة من السنة. ذُبِح العشرات من أفراد العديد من الأسر، التي تحولت من المذهب السني إلى المذهب الشيعي. أفراد عائلة الشوملية، وهي أسرة علوية، قتلوا أيضا، بالإضافة لعائلة عضو سني في البرلمان السوري والذي كان يُعتَبَر متعاوناً (عوايني). مباشرة بعد المجزرة، قام مرتكبو المجزرة بتصوير فيلم لضحاياهم ثم عرضوهم على أنهم ضحايا من الطائفة السنية في أشرطة الفيديو المنشورة على الإنترنت.[7]
إن التقرير الذي نشرته فرانكفورتر ألجماينه تسايتونج جدير بالتصديق تماما، مع الأخذ بالاعتبار أن تقرير هيومن رايتس ووتش عن المعارضة السورية وثّق حالات واضحة عن السلوك العنيف إلى حد كبير على أسس طائفية، وتأجيج المشاعر المعادية للشيعة والعلويين، مع الانتهاكات الموثقة التي ترتكبها الجماعات السلفية المسلحة وأفراد من الجيش السوري الحر المعارض. على الرغم من اعتراف مراقبي الأمم المتحدة أنهم لم يتمكنوا من تحديد مرتكبي مجزرة الحولة مع غياب أي دليل لاتهام الحكومة السورية بالجريمة، أعلن بان كي مون الأمين العام للأمم المتحدة بأن حكومة الأسد قد فقدت شرعيتها، تم توجيه سيل من الدعوات من قبل الرئيس باراك أوباما، وزيرة الخارجية الأمريكية هيلاري كلينتون ورئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون إلى الأسد بالتنحي. واصلت الدول الغربية التحرك قدما في دعوتها "للعمل" ضد نظام الأسد واستمرت في إدانة الحكومة السورية، والتي وفقا لشهادات نشطائهم الذين تذرعوا بهم، لم تكن مسؤولة حتى عن المجزرة. في أواخر تموز 2012، أكد التقرير الصادر عن دائرة الاستخبارات الاتحادية الألمانية (BND) أن تنظيم القاعدة نفّذ "حوالي 90 هجمة إرهابية" في سوريا بين أواخر كانون الأول 2011 وأوائل تموز 2012، بما في ذلك مشاركته في مجزرة الحولة في 25 أيار 2012.[8] تمت صياغة تقارير عمليات القتل لتتناسب مع النتائج المحددة مسبقاً، وذلك تماشيا مع الأهداف السياسة الخارجية للعواصم الغربية لتوريط نظام الأسد في أوركسترا العنف من أجل بناء الدعم الشعبي لإسقاط الحكومة السورية بالقوة.
مؤخراً اتهم وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف القوى الخارجية بالتحريض على العنف من خلال تقديم الأسلحة والدعم المادي لقوى المعارضة المسلحة، قائلاً: "يريدون أن يملئوا المجتمع الدولي بالسخط والنقمة لبدء التدخل الكامل في سوريا".[9] بعد عمليات القتل، دعا وزير الخزانة الأمريكي تيموثي جايتنر العالم لممارسة "الضغط المالي الأقصى" على حكومة الأسد من خلال العقوبات الشديدة والتي يمكن أن "تعجل بحلول اليوم الذي سيتنازل فيه نظام الأسد عن السلطة" فيما أكد أن الولايات المتحدة ستدعم استخدام القوة ضد سوريا بموجب الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة.[10] يمكن للمرء أن يتصور أن الانتقادات الدولية فقط ينبغي أن تدفع الحكومة السورية لتعلن تخليها عن "وقف إطلاق النار تحت رعاية الأمم المتحدة وعزمها على التعامل مع خصومها باللغة "الوحيدة التي يفهمونها، العنف" - كما صرّح ممثلون عن الجيش السوري الحر. مع ذلك، لم تتخل الحكومة السورية عن وقف إطلاق النار، واستمرت باستضافة مئات من مراقبي الأمم المتحدة. بدلا من ذلك، كانت المعارضة هي من يطلق مثل هذه الدعوات - هذه الدعوات التي استمر إعلانها دون أي اعتراض من قبل ما يسمى بـ "المجتمع الدولي".
يمكن مقارنة أحداث الحولة بالأحداث التي تكشفت في صيف عام 1939، عندما قامت القوات النازية، الحريصة على تصوير أنفسهم على أنهم ضحايا تعساء (قليلو الحظ) لتبرير أعمال العدوان العسكري، بتنظيم حادث حدودي بهدف توريط بولندا المجاورة زورا وبهتانا. بعد انطلاق الحوادث الحدودية التي شملت مهاجمة القوات الألمانية لمحطاتهم الإذاعية الخاصة لاتهام بولندا بالعدوان غير المبرر، أمر هتلر بالغزو النازي لبولندا. ومن السخرية بمكان، أن المتحف التذكاري للمحرقة الخاص بالولايات المتحدة لا يعطينا فقط سردا لهذه الأحداث، ولكنه يقدم درسا كاملا حول "خداع العامة:"
خلال الحرب العالمية الثانية، وصفت الدعاية النازية العدوان العسكري الهادف لغزو الأراضي بأنها أعمال مبررة أخلاقيا وضرورية للدفاع عن النفس. صوروا ألمانيا كضحية أو ضحية محتملة لمعتدين أجانب، وهو ما اضطر هذه الأمة المحبة للسلام إلى حمل السلاح لحماية سكانها أو الدفاع عن الحضارة الأوروبية في مواجهة الشيوعية. كانت الأهداف المعلنة للحرب في كل مرحلة من مراحل القتال تقريبا تخفي على الدوام النوايا الفعلية للنازية في التوسع الإقليمي والتطهير العرقي. لقد صُمِّمت هذه الدعاية المضللة، لخداع أو تضليل السكان في ألمانيا والأراضي التي تحتلها ألمانيا، والدول المحايدة.
في صيف عام 1939، عندما أنهى هتلر ومعاونيه خطط  غزو بولندا، كان المزاج العام في ألمانيا متوترا ومشبعا بالخوف. كان الألمان مشجعين بالتوسع المثير أخيرا للحدود الألمانية على حساب النمسا المجاورة وتشيكوسلوفاكيا دون إطلاق رصاصة واحدة، ولكنهم لم يملئوا الشوارع بالدعوة إلى الحرب، كما فعل جيل 1914. قبل الهجوم الألماني على بولندا يوم 1 أيلول 1939، أطلق النظام النازي حملة إعلامية عدوانية لبناء الدعم العام للحرب التي كان يريدها القليل من الألمان. ولعرض الغزو بوصفه مبررا أخلاقيا، وعملا دفاعيا، بالغت الصحافة الألمانية في إظهار "الأعمال الوحشية البولندية" بالإشارة إلى التمييز والعنف الجسدي الحقيقي أو المزعوم والموجه ضد الألمان المقيمين في بولندا. معربة عن استيائها من "الشوفينية" البولندية  و"المثيرة الحرب" كما هاجم الصحافة بريطانية لتشجيعها على الحرب بتقديم الوعود بالدفاع عن بولندا في حالة الغزو الألماني.
قام النظام النازي أيضا بافتعال حادث حدودي مصمم لجعل الأمر يبدو كما لو أن بولندا هي التي بدأت الأعمال العدائية مع ألمانيا. في 31 آب، 1939، نفذ رجال من سرب الحماية SS (Schutzstaffel) –شوتز،سال- يرتدون ثياب الجيش البولندي "هجوما" على محطة إذاعية ألمانية في كلايفتز (جليفيس). في اليوم التالي، أعلن هتلر على الأمة الألمانية والعالم قراره بإرسال القوات إلى بولندا ردا على "الغارات" البولندية على ألمانيا. أعطى المكتب الصحفي للحزب النازي الألماني تعليماته للصحافة بتجنب استخدام كلمة 'الحرب'. كان عليهم أن يقولوا ببساطة في تقاريرهم أن القوات الألمانية تتصدى للهجمات البولندية، وهذا التكتيك يهدف إلى توضيح أن ألمانيا هي ضحية العدوان. أما عبء مسؤولية بدء الحرب فسوف يلقى على كاهل بريطانيا وفرنسا.[11]
تاريخياً، من فنزويلا إلى تايلاند، تم إنشاء جماعات المعارضة المدعومة من الغرب لتحريك الاضطرابات، واستخدامها كغطاء لاغتيال المدنيين وأعضاء في جماعاتهم نفسها (الحركات الموالية للغرب)، فقط لإلقاء اللوم بعد ذلك على الحكومة المستهدفة إضافة لزيادة تفاقم الصراع حتى يتم الوصول إلى الحد الحرج والإطاحة بتلك الحكومة. تشترك مجزرة الحولة بذات الخصائص مع فظائع وحشية أخرى دُبِّرت وتمت هندستها في جميع أنحاء العالم، وذلك ببساطة على نطاق أوسع، يشمل على الأرجح مقاتلين لا ينتمون إلى مقاتلي الجيش السوري الحر FSA المحليين أو الحكومة السورية، ولكن العناصر الأجنبية الأخرى تماما كما أعلنت ذلك الحكومة السورية.
في استهلالٍ (استقراء) مقلقٍ للتطرف الطائفي الظاهر في سوريا، أجرت الصحفية تريش شو مقابلة مع زياد عبد النور، في عام 2005. نور وهو الشريك الممول والمؤسس "لشركاء بلاك هوك" وكذلك رئيس "لجنة الولايات المتحدة لأجل لبنان الحر" التي أطلقها المحافظون الجدد، قد تعاون مع أعضاء لجنة الزملاء التي تضم موريس أميتاي من المعهد اليهودي لشؤون الأمن الوطني، مايكل روبن من معهد المشروع الأمريكي، والموقعين على مشروع القرن الأمريكي الجديد PNAC بولا دوبريانسكي، جيمس وولسي، فرانك غافني، ودانيال بايبس، طوال سنوات لإثارة إراقة الدماء فعليا وارتكاب الفظائع وعدم الاستقرار التي تكشفت مؤخرا في سوريا:
سيتم تغيير، كل من النظامين السوري واللبناني سواء شاءوا ذلك أم لا، سواء كان ذلك بانقلاب عسكري أو أي شيء آخر ... ونحن نعمل على ذلك. نحن بالفعل نعرف بالضبط البدائل التي ستكون. ونحن نعمل على ذلك مع إدارة بوش.
إن هؤلاء الرجال الذين جاءوا إلى السلطة بالقوة، ويحكمون بالقوة، لا يمكن إزالتهم إلا بالقوة. هذه هي لعبة السلطة المكيافيلية. هذا ما ستكون عليه الأمور. بهذه الطريقة تعمل السياسية -ألعاب حرب، ألعاب سلطة. أنا أعلم كيف تعمل السياسة في الظاهر والباطن، لأنني جئت من عائلة من السياسيين طوال السنوات الـ 60 الماضية. انظر، أنا قادر على الوصول إلى معلومات وكالة المخابرات المركزية الأعلى سرية من جميع أنحاء العالم. يتصلون بي،وأنصحهم. وأنا أعلم بالضبط ما الذي يجري. وهذا هو ما سوف يحدث.
ليست القضية فيما إذا كان صحيحا أم لا أن نظام بشار الأسد وإميل لحود سيرحل. فعندما ذهبنا إلى العراق فعلنا ذلك بغض النظر عما إذا كانت هناك أسلحة دمار شامل أم لا، والمفتاح هو - أننا فزنا. وصدام في الخارج! كل ما نريده، سوف يحدث. إيران؟ لن نترك إيران تصبح قوة نووية. سوف نجد طريقة ما، وسنجد ذريعة ما- للتخلص من إيران. وأنا لا يهمني ما هو العذر. ليس هناك مجال للدول المارقة في العالم. فيما إذا كنا نكذب في ذلك، أو نخترع شيئا، أو لم نفعل ذلك ... لا يهمني. الغاية تبرر الوسيلة. ما هو الحق؟ القوة هي الحق، القوة هي القانون. هذا هو. القوة هي الحق.
هكذا أراد صدام أن يثبت للعالم كله انه قوي؟ حسنا، نحن كنا أقوى منه –هو خرج! هو انتهى. وإيران ستنتهي وكل نظام عربي واحد مماثل لهذا سوف ينتهي. لأنه لا يوجد مجال لنا نحن الرأسماليين ومتعددي القوميات (متعددة الجنسيات) في العالم للعمل مع أنظمة من هذا القبيل. إن كل شيء يدور حول المال. والسلطة. والثروة... والديمقراطية لابد أن تنتشر في جميع أنحاء العالم. أولئك الذين يرغبون باعتناق وتبني العولمة سيجمعون الكثير من المال، ويكون سعداء، وسوف تسعد أسرهم. وأولئك الذين لن يشاركوا في هذه اللعبة سوف يسحقون، سواء أحبوا ذلك أم لا![12]
لا تظهر مقابلة شو مع شخصية عبد النور ذات العقلية الإجرامية فقط قدرته النفسية والعملية على هندسة حدث مثل مجزرة الحولة، ولكن أيضا العقل الذي يمتلك النية والدافع للقيام بذلك.
يتوافق عرض نور المقلق بما فيه من جنون العظمة مع مقالة نيويوركر لعام 2007، "إعادة التوجيه" التي كتبها الصحافي سيمور هيرش، الذي وثق كيف أن الولايات المتحدة، وإسرائيل، والمملكة العربية السعودية، جنبا إلى جنب مع عبد النور من جماعة الحريري في لبنان، قاموا بإعداد جيش إقليمي من المتطرفين الطائفيين لزعزعة استقرار السلطات والإدارات (الحكومات) التي يقودها الشيعة في الشرق الأوسط. تضمن تقرير هيرش مقابلة مع روبرت باير، العميل السابق لوكالة المخابرات المركزية CIA في لبنان الذي حذر من ضرورة حماية المسيحيين من هجمة متوقعة من قبل المتطرفين الطائفيين المدعومين من الولايات المتحدة وإسرائيل والمملكة العربية السعودية – وعن الهجمة التي ستُشَنُّ ضد المسيحيين في سوريا الذين يشكلون 10 في المائة السكان. إن الولايات المتحدة الأمريكية وإسرائيل، والسعودية لم  تتآمر فقط لإطلاق العنان للمتطرفين الطائفيين عمدا داخل سورية – بل لقد فعلوا ذلك مع العلم الكامل بأن فظائع مثل تلك في الحولة، ستكون حتمية الحدوث في سوريا.
لعقود من الزمان، حارب كل بلد في العالم العربي، من الجزائر إلى المغرب فمصر إلى سوريا، ضد المتطرفين الطائفيين من منظمات كالإخوان المسلمين وتنظيم القاعدة. فعلى سبيل المثال، خاضت الجزائر، حربا مضنية وشاقة ضد عنف المتطرفين الذين حاولوا تغيير وقلب مجتمعهم العلماني واستهدفوا الأقليات الدينية والعرقية بما في ذلك المسيحيين وحتى المعتدلين السنة - هذه الفترة صار يشار إليها "بفترة الضياع" أو "العشرية السوداء". كان من بين التنظيمات الأخرى التي واجهتها الجزائر، تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي (AQIM)، المدرجة على لائحة وزارة الخارجية الأمريكية للمنظمات الإرهابية والمرتبطة ارتباطا مباشرا "بالجماعة الليبية الإسلامية المقاتلة" (LIFG) في ليبيا المجاورة التي جرى تسليحها، تدريبها، تمويلها، ودعمها سياسيا من قبل حلف شمال الأطلسي لتغيير معمر القذافي والانقلاب عليه. في كل من مصر وسوريا، كان الإخوان المسلمون قد حاولوا تغيير الحكومات العلمانية بالعنف، بصورة مماثلة بالضبط لما تكشّف خلال الانتفاضة السورية. اليوم، تنتقد الصحافة الغربية بشدة الجهود المصرية والسورية المبذولة لتطويق هؤلاء المتطرفين الطائفيين، ولا سيما في سوريا التي اتهمت فيها الحكومة بارتكاب "مجازر" بحق المقاتلين المسلحين لجماعة الإخوان المسلمين في حماة في 1982. دساتير الدول العربية العلمانية في شمال أفريقيا و الشرق الأوسط، بما في ذلك الدستور السوري المعاد كتابته حديثا، حاولت استبعاد الأحزاب السياسية الطائفية (الدينية)، وخاصة تلك التي لديها ارتباطات "إقليمية" لمنع الحركات السياسية التابعة للإخوان المسلمين والقاعدة من أي إمكانية لوصولهم إلى السلطة.[13]
تمت مقاطعة الاستفتاء على الدستور السوري الجديد، وكذلك الانتخابات التي أجريت في إطار هذا الدستور الجديد، من قبل ما يسمى "الجيش السوري الحر" وجناحه السياسي، تحديدا لأنهم متطرفون طائفيون مع ارتباطات (انتماءات) إقليمية. والغرب دعم هذه المقاطعة، قائلاً أن الإصلاحات السورية "مثيرة للضحك". منذ عام 2007 على الأقل، حاول الغرب، وخاصة الولايات المتحدة، جنبا إلى جنب مع إسرائيل والمملكة العربية السعودية، إنشاء كلٍّ من جماعة الإخوان المسلمين، و الجماعات المتطرفة المسلحة الأصغر والمرتبطة مباشرة بتنظيم القاعدة، وذلك لاستهداف لبنان وسوريا وإيران بشكل مباشر. بدأت في ظل إدارة بوش واستمرت بسلاسة في عهد أوباما، وُصِفت جماعة الإخوان المسلمين بالفعل بأنها كانت تُدعم من الولايات المتحدة وإسرائيل، اللتان كانتا تمرران الدعم من خلال السعوديين وذلك لكيلا يُنال من "مصداقية" ما يسمى حركة "إسلامية". ذكر الصحافي سيمور هيرش أن لبنانيين أعضاء في جماعة سعد الحريري، التي قادها لاحقا فؤاد السنيورة، كانوا الوسطاء بين المخططين الأمريكيين  و جماعة الإخوان المسلمين السوريين.
ذكر هيرش أن مؤيداً لبنانيا لجماعة الحريري كان قد التقى ديك تشيني في واشنطن ونقل له شخصيا أهمية استخدام جماعة الإخوان المسلمين في سوريا في أي تحرك ضد الحكومة الحاكمة:
ثم قال لي [وليد] جنبلاط أنه كان قد التقى بنائب الرئيس ديك تشيني في واشنطن في الخريف الماضي لمناقشة، إمكانية إسقاط الأسد، من بين قضايا أخرى. نصح هو ورفاقه تشيني أنه إذا كانت الولايات المتحدة ستحاول التحرك ضد سوريا، فإن أعضاء جماعة الإخوان المسلمين السورية سيكونون "من يجب الحديث إليهم"، قال جنبلاط.
هناك أدلة على أن الإدارة ذات التوجهات الإستراتيجية الجديدة قد موّلت فعلياً جماعة الإخوان المسلمين. إن جبهة الخلاص الوطني السورية هي تحالف من جماعات المعارضة التي أعضاؤها الرئيسيون هم فصيل بقيادة النائب السابق للرئيس السوري عبد الحليم خدام الذي انشق في عام 2005، وجماعة الإخوان. قال لي الضابط السابق رفيع المستوى في المخابرات المركزية C.I.A.: "لقد قدم الأميركيون كلا من الدعم السياسي والمالي. أخذ السعوديون زمام المبادرة بالنسبة للدعم مالي، ولكن بمشاركة أمريكية." وقال أن خدام الذي يعيش حاليا في باريس، كان حصل على المال من المملكة العربية السعودية، بعلم البيت الأبيض. (في العام 2005، التقى وفد من أعضاء الجبهة مع مسؤولين من مجلس الأمن القومي، وفقا لتقارير صحفية.) قال لي مسؤول سابق في البيت الأبيض أن السعوديين قدموا وثائق السفر لأعضاء الجبهة.
في أيار 2012، وسائل إعلام مثل رويترز ذكرت أن الذراع العسكرية للإخوان المسلمين السورية المدعومة من الولايات المتحدة وإسرائيل والمملكة العربية قادت ووجهت العنف الطائفي الذي اجتاح سوريا لأكثر من سنة:
قالت مصادر المعارضة، أن جماعة الإخوان المسلمين عملت بهدوء، لتمويل منشقي الجيش السوري الحر الذي قاعدته في تركيا ولتوجيه الأموال والإمدادات إلى سوريا، لإحياء قاعدتها بين المزارعين السنة الصغار والطبقة المتوسطة السورية.[14]
في 5 حزيران 2012 حاولت افتتاحية بلومبرغ بعنوان "على عنان أن يتحدث مع بوتين، وليس الأسد،لإصلاح سوريا،" إلقاء اللوم على موسكو وبكين بالمشاركة في تحمل المسؤولية على الأشلاء التي شوهدت في مجزرة الحولة. اعترف المقال أن العنف طائفي في سوريا.[15] لقد تم إسقاط عبارة "الديمقراطية" و"الحرية" التي كانت تُستخدم بمكر منذ بداية "الربيع العربي" تماما، عندما ألقت الصحافة الغربية ثقلها الكامل وراء الحرب الطائفية المخطط لها منذ فترة طويلة والتي كانت الولايات المتحدة وإسرائيل، والمملكة العربية السعودية قد رعتها وشجعتها لسنوات:
ما تشير إليه مجزرة الحولة هو أن الحرب الأهلية الطائفية بين السنة والعلويين في سوريا والتي خشيها العالم طويلا قد بدأت. إنه لمن المثير للضحك ادعاء الأسد في خطابه في 3 حزيران أن إرهابيين من المسلمين السنة ارتكبوا المجزرة لخلق احتجاج دولي عنيف. كل دليل يشير إلى أن ميليشيا الشبيحة العلوية، التي عمل جنبا إلى جنب مع القوات الحكومية، كانت هي المسؤولة.
على الرغم من إمكانية أن يكون بعض أفراد قوات الأمن الحكومية السورية قد استخدموا القوة المفرطة عند قتال مقاتلي المعارضة في جوار الأحياء السكنية، مما أدى إلى مقتل مدنيين بشكل غير مقصود، ففي ظل حكومة بشار الأسد قد تمت حماية أعداد كبيرة من الأقليات العرقية والدينية في سورية، وخاصة المسلمين الشيعة، السنة المعتدلين، والمسيحيين، والدروز من الهجوم الطائفي الذي يرتكبه المتطرفون والمقاتلون المتمردون المزروعون من قبل الغرب. لقد أنذرت مقالة "التوجه الجديد" في عام 2007 للصحافي سيمور هيرش، "بالحرب الأهلية الطائفية" التي لمحت إليها بلومبرغ علنيا:
روبرت باير، وهو العميل السابق لوكالة المخابرات المركزية  C.I.A. في لبنان لفترة طويلة، كان قد انتقد بحدة حزب الله وحذر من صلاته مع الإرهاب الذي ترعاه إيران. ولكنه الآن، قال لي، "لقد جهزنا العرب السنة لأجل الصراع العنيف، ونحن بحاجة لمن يحمي المسيحيين في لبنان. ولابد أن تكون فرنسا والولايات المتحدة الدول التي ستقوم بذلك، وعندها سيكون الانطلاق باتجاه نصر الله والشيعة".
خلصت بلومبرغ إلى أنه يجب على روسيا أن تسحب دعمها للحكومة السورية، التي عملت بشكل واضح لحماية كل من المجتمع العلماني السوري إضافةً للأغلبية الساحقة للسكان من الأقليات العرقية والدينية، من أجل تفادي المزيد من إراقة الدماء. من الواضح، تماما أنه كما كان الحال في انسحاب روسيا من دعم نظام القذافي في ليبيا في عهد الرئيس السابق ديمتري ميدفيديف، فإن انسحاب روسيا من دعم الحكومة السورية في عهد الرئيس فلاديمير بوتين لن يمثل نهاية العنف. بدلا من ذلك، فإنها ستكون فحسب بمثابة نهاية للنزاع (المواجهة) العنيف وبداية للخروج على القانون دون رادع وارتكاب الفظائع والقتل على نطاق واسع من قبل المتطرفين الطائفيين المتخمين بالمال الغربي، والأسلحة، والدعم السياسي.
في أوائل حزيران 2012، بدأ أعضاء من المجتمع المسيحي في سوريا باتهام الجيش السوري الحر بشن حرب طائفية على الأقليات الدينية في سوريا. وثقت وكالة أنباء الفاتيكان (Agenzia Fides)، وهي خدمة المعلومات على الانترنت لبعثة الجمعية الدولية البابوية، بدقة الأحداث على أرض الواقع من خلال تقديم تقرير بشهادة المطران الفرنسي فيليب تاورنيول كلوس المقيم في سوريا، الذي قال:
بالنسبة لنا الصورة هي خراب مطلق: كنيسة مار اليان نصف مدمرة ولا تزال كنيسة سيدة السلام الخاصة بنا قيد الاحتلال من قبل المتمردين. لقد تضررت المنازل المسيحية بشكل شديد من جراء القتال وأفرغت تماما من سكانها، الذين هربوا من دون أخذ أي شيء. لا تزال منطقة الحميدية مأوى للجماعات المسلحة المستقلة عن بعضها البعض، والمدججة بالسلاح والتي تمولها قطر والمملكة العربية السعودية. لقد فر جميع المسيحيين (138000 شخص) إلى دمشق ولبنان، في حين أن آخرين لجئوا إلى المناطق الريفية المحيطة بها. لقد جند أعداء سوريا بعضا من الإخوان المسلمين من أجل تدمير العلاقات الأخوية التي كانت قائمة تقليديا بين المسلمين والمسيحيين: ومع ذلك، حتى الآن، فهي ليست قادرة على: إثارة رد فعل معاكس والطائفتان أكثر اتحادا من ذي قبل. في الواقع، لا زال الجنود السوريون يواجهون المقاتلين الأجانب والمرتزقة الليبيين والمقاتلين اللبنانيين والخليجيين، والأفغان، والأتراك.[16]

هوامش:


[5] The Shabiha: Inside Assad’s death squads  , The Telegraph, May 27, 2012
[7] Abermals Massaker in Syrien , Frankfurter Allgemeine Zeitung, June 07, 2012
[11] Deceiving the Public , United States Holocaust Memorial Museum, May 11, 2011
[12] Faking the Case Against Syria , Counterpunch, November 18, 2005
[16] The desolation of Homs and the war of information “: the words of a greek-catholic Archimandrite , Agenzia Fides, June 04, 2012

تم نشر هذه المقالة على موقع الأيهم صالح على العنوان التالي:  http://www.alayham.com/node/3808

Translate